من هو ناصر الدين الألباني؟
محمد ناصر الدين الألباني هو أحد العلماء الّذين اشتهروا في علم الحديث النبويّ الشّريف، والّذي عُرِف عنه كباحث مختصّ في علوم الحديث، فهو كالبخاريّ في عصره، وفيما يأتي نبذة عن الألبانيّ:
اسمه ونشأته
هو العلّامة محمّد ناصر الدين الألباني الأرنؤوطي، وُلِد في ألبانيا سنة 1914م في منطقة أشقودرة، كان والده أحد علماء المذهب الحنفي، هاجر إلى سوريا بعد أحداث منع النّساء من الحجاب والنّقاب من قبل الرئيس الألبانيّ؛ فكان لهجرته سببًا في تعلّم الّلغة العربيّة، وتفرّغه للعلّم.
دراسته
درس الإبتدائيّة في مدرسة جمعيّة الإسعاف الخيري في دمشق، ثمّ وضع له والده خطّة دراسيّة؛ لدراسة علوم القرآن الكريم، والحديث النّبويّ، بالإضافة إلى تعلّم "الفقه الحنفيّ"، وقد ساعده على ذلك وجود مكتبة لوالده مليئة بالكتب، ولكنّه لم يكتفِ بذلك فكان يقضي السّاعات الطّوال في "المكتبة الظاهريّة" في دمشق؛ حتى ينهل من كلّ العلوم. أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهرة فيها، وأخذ يتكسّب رزقه منها، وقد وفرّت له هذه المهنة وقتاً جيداً للمطالعة والدّراسة، وهيّأت له هجرته للشام معرفة باللّغة العربيّة والاطّلاع على العلوم الشرعيّة من مصادرها الأصليّة. وعلى الرّغم من توجيه والد الألباني المنهجيّ له بتقليد المذهب الحنفي وتحذيره الشّديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ الألباني بالتوجّه نحو علم الحديث وعلومه، فتعلّم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثّراً بأبحاث مجلّة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا، و كان أوّل عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب "المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي مع التّعليق عليه. كان ذلك العمل فاتحةَ خيرٍ كبيرٍ على الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث وعلومه شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلميّة بدمشق، حتى إنّ إدارة المكتبة الظاهريّة بدمشق خصّصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلميّة.
آثاره العلميّة
يعدّ الألبانيّ من علماء العصر الحديث، وممّن لهم باعٌ كبيرٌ في حفظ الأحاديث النّبويّة الشّريفة، وقد عُرِف عنه نهمه الشّديد في طلب العلم وتدوينه، على الرّغم من فقره، فكان لا يستطيع شراء الكتب ولا الأوراق، فقد كان يبحث عن الأوراق المكتوبة السّاقطة حتى يأخذها ويكتب على ظهرها، فلم يمنعه فقره من القعود عن طلب العلم حتى أنجز الكثير منها. ألّف العديد من الكتب في علم الحديث، من أشهرها "السّلسلة الصّحيحة" و"صحيح الجامع" و"ضعيف الجامع" و"السّلسلة الضعيفة". ألقى عدّة محاضرات عن علم الحديث النّبويّ في عدّة دُول مثل مصر، وقطر، والسعوديّة، وأستراليا، وغيرها من الدُّول. اختير الألبانيّ ليقوم بتخريج أحاديث البيوع في موسوعة في الفقه الإسّلاميّ في دمشق. تمّ اختيار الألبانيّ كعضو في لجنة الحديث التي تمّ إعدادها للإشراف على نشر كتب السّنة النّبويّة، عندما تمّت الوحدة بين مصر وسوريا. لبّى دعوة اتحاد الطّلبة المسلمين في إسبانيا لإلقاء محاضرة، بعنوان "الحديث حجّة بنفسه في العقائد والأحكام" وقد تمّت طباعتها. إضافة إلى ذلك اشتغل بالتّدريس في الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة لمدّة قصيرة.
وفاته
توفّي الألباني قبيل يوم السبت في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة 1420هـ. ق، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، ودفن بعد صلاة العشاء. وقد عجّل بدفن الألباني لتنفيذ وصيّته كما أمر. بالرّغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الألباني إلا المقرّبين منهم حتى يعينوا على تجهيزه ودفنه، أنّ خمسة آلاف المصلّين قد حضروا صلاة جنازته.
كلمات العلماء حوله
من الذين مدحوا الألباني منهم:
1- قال عبد العزيز بن باز: "ما رأيت تحت أديم السّماء عالمًا بالحديث في العصر الحديث مثل العلّامة محمد ناصر الدين الألباني."ووصفه بأنّه مجدّد هذا العصر في علوم الحديث.
2- وزعم محمد صالح العثيمين: "فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنّه حريص جداً على العمل بالسنة، ومحاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أمّا من خلال قراءتي لمؤلّفاته فقد عرفت عنه ذلك، وأنّه ذو علم جم في الحديث، رواية ودراية،..."
بعد أن عُرف الألباني واشتهر في الأوساط العلميّة، كداعية للمذهب الوهابي- كما يظهر من أقوال عبد العزيز بن باز ومحمد صالح العثيمين- ومتأثّرا بأفكار السّلفيّة، وسائرا على نهج ابن تيمية ومن اتّبعه، وقف ضدّه من يخالفه الرأي ولا يعتقد بأفكار الوهابيّة من علماء ومثقّفين من أتباع مدرسة الخلفاء وأهل البيت. وقام جماعة من المشايخ والعلماء بالردّ على الألباني وكتبه وأفكاره، فألّفوا عدّة رسائل منها: تنبيه المسلم إلى تعدّي الألباني على صحيح مسلم للشيخ محمد سعيد الشافعي، القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع للشيخ عبد الله ابن الصديق الغماري، قاموس شتائم الألباني للشيخ حسن بن علي السقّاف، تناقضات الألباني الواضحات، له أيضا، الألباني شذوذه وأخطاؤه للشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ثمّ شيّعني الألباني للشيخ عبد الحميد الجاف.