الحرية الليبرالية في ميزان النقد

الحرية الليبرالية في ميزان النقد

الخلاصة
يتناول هذا البحث مفهوم الحرّية في الفكر الليبرالي باعتبارها ركيزةً أساسيةً له، ويستعرض الأبعاد المختلفة للحرّية، مثل الحرّية الفكرية والعقدية والاجتماعية والسياسية، ويحلّل المبادئ الأساسية الّتي تقوم عليها الليبرالية، كالإنسانوية والفردية وأصالة اللذّة وأصالة الحسّ والعقل الأداتي. كما يناقش الإسهامات الفكرية لروّاد الليبرالية مثل جون لوك وجون ستيوارت مل. يركّز البحث على الانتقادات الموجّهة للحرّية الليبرالية، خاصّةً من المنظور الإسلامي، الذي يرى الحرّية كقيمة متوازنة بين حقوق الفرد وواجباته تجاه المجتمع. يوضّح أنّ الحرّية التي تدعو إليها الليبرالية تتعارض مع القيم النظرية والعملية. في الختام، يبرز البحث أهمّية التوازن بين حرّية الفرد والمصالح العامّة، مع نقد التصوّرات الليبرالية للحرّية من حيث تعريفها ومبادئها وأنواعها. هذا و قد اعتُمِد على المنهج الوصفي والتحليلي النقدي في بيان الآراء المختلفة للّيبرالية والمتعلّقة بالحرّية وتقييمها.

الحرية الليبرالية في ميزان النقد

الاتّجاه النصّي والاتّجاه العقلي

الاتّجاه النصّي والاتّجاه العقلي

سيد غيور الحسنين

تفسير النصوص الدِّينيّة والأدبيّة يمثّل نقطة تقاطع بين عدّة توجّهات منهجيّة، يتباين فيها الفكر والتطبيق. ويعتبر الاتّجاه النصّي والاتّجاه العقلي من أبرز المناهج المستخدمة لفهم النصوص وتحليلها. ولكل اتّجاه منهما مبادئه الخاصّة، الّتي تعكس أولوياته وأهدافه.

الاتّجاه النصّي: تعريفه ومبادئه

يعتمد الاتّجاه النصّي على التركيز الحصري على النص بوصفه المصدر الأساسي والوحيد للمعرفة والفهم. في هذا المنهج، يتمّ التّعامل مع النص ككيان مستقلّ، لا يتأثّر بالسياقات الخارجيّة أو الظروف التاريخيّة والاجتماعيّة المحيطة به.

المبادئ الأساسيّة للاتّجاه النصّي

1. النص كمرجع أساسي:

يتم تفسير النصوص بناءً على ألفاظها ومعانيها المباشرة. التركيز يكون على اللّغة، القواعد، والأساليب الأدبيّة المستخدمة.

2. تجنّب التأويل المفرط:

يُنظر بعين الريبة إلى التأويلات الّتي تبتعد عن المعاني الظاهرة للنص، حيث يُعتبر ذلك خرقًا لسلامة النص واستقلاليّته. بعبارة أخرى: ينكر العقل من حيث المصدر والمنهج.

3. استقلاليّة النص:

النص يُعامل على أنّه كيان مكتمل بذاته، وليس مجرّد انعكاس لسياقات اجتماعيّة أو تاريخيّة.

4. رفض التّدخُّل الذّاتي:

يتمّ السعي إلى تقليل أثر المفسر أو القارئ على النص، والتركيز على الموضوعيّة في التحليل.

5. استخدام أدوات لغويّة وأدبيّة:

يستعين الاتّجاه النصّي بأدوات مثل تحليل المفردات، البناء النحوي، ودراسة الإيقاع والأسلوب لفهم النص.

الاتّجاه العقلي: تعريفه ومبادئه

في المقابل، يعتمد الاتجاه العقلي على إعمال العقل والمنطق في تفسير النصوص، ويهدف إلى فهم أعمق يعكس الظروف والسياقات الّتي أُنتج فيها النص. يرى هذا الاتّجاه أنّ النصوص لا يمكن فصلها عن تطوّر الفكر الإنساني والتحدّيّات الّتي يواجهها المجتمع.

المبادئ الأساسيّة للاتّجاه العقلي

1. إعمال العقل والمنطق:

يعتمد هذا الاتّجاه على التحليل العقلي لفهم النصوص، وتجاوز المعاني الحرفيّة إذا تعارضت مع المبادئ العقليّة أو القيم الإنسانيّة

2. السياق التاريخي والاجتماعي:

يتم تفسير النصوص بناءً على الظروف التاريخيّة والاجتماعيّة الّتي أُنتجت فيها، ممّا يساعد على فهم الخلفيّات الّتي أثّرت في تكوينها.

3. البحث عن المقاصد:

يُركّز الاتّجاه العقلي على مقاصد النصوص وأهدافها الأساسيّة، وليس فقط على المعاني الحرفيّة.

4. التأويل المفتوح:

يُشجّع هذا الاتّجاه التأويل الّذي يتناسب مع تطوّر الزمن وظروف العصر، ويُعتبر أنّ النصوص يجب أن تكون مرنة لتلائم السياقات المختلفة. يقبل العقل من حيث المصدر والمنهج.

5. الاستفادة من العلوم المختلفة:

يستخدم هذا الاتّجاه معارف متعدّدة مثل الفلسفة، علم الاجتماع، والتاريخ لفهم النصوص بشكل أشمل.

المقارنة بين الاتّجاهين

بينما يُعطي الاتّجاه النصي الأولويّة للنص ذاته ويُركّز على ألفاظه ودلالاته المباشرة، يتوسّع الاتّجاه العقلي ليشمل السياقات الخارجيّة والعقلانيّة. النص في الاتّجاه النصّي يُعتبر نهائيًا ومطلقًا، بينما في الاتّجاه العقلي، يُعتبر نقطة انطلاق لفهم أعمق. يُفضّل الاتّجاه النصّي البساطة والموضوعيّة، بينما يُركّز الاتّجاه العقلي على التّأويل الإبداعي والمرونة.

الخاتمة

إنّ الاختلاف بين الاتّجاه النصّي والاتّجاه العقلي في تفسير النصوص يعكس تنوّع الفهم الإنساني وثراء المناهج التّحليليّة. كل من الاتّجاهين يُقدّم أدوات فعالة لفهم النصوص، إلّا أنّ الجمع بينهما قد يوفّر رؤية متوازنة تجمع بين احترام النص وإعمال العقل لفهمه في سياقاته المتعددة.

سیرة العلامة الطباطبائي

إنّ الطباطبائي كان فيلسوفاً وحكيماً، وكان أستاذاً موهوباً كرّس معظم حياته لتعليم المعارف الإسلاميّة الحقّة. أعطى دروساً في الفلسفة والتّفسير والأخلاق والفقه والأصول وغير ذلك في مدينة "قم". نبيّن سيرته بصورة مختصرة في النّقاط التالية:

اسمه ونشأته

هو السيّد محمّد حسين بن السيّد محمّد بن السيّد محمّد حسين الميرزا على أصغر شيخ الإسلام العلامة الطباطبائى التبريزى القاضى‏.[1] وُلد في تبريز في التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1321 هـ في أسرة عريقة معروفة بالفضل والعلم. توفّيت والدته وعمره خمس سنوات، وتوفّي والده عندما بلغ التّاسعة من عمره، وبقي هو وأخوه السيّد محمّد حسن القاضي الطباطبائي تحت كفالة وصيّ أبيه الذي كان يرعاهما برفق.[2]

دراسته

تعلّم القرآن والأدب الفارسي والريّاضيات في مدرسة تبريز، وتابع دراسته في الجامعة الإسلاميّة في تبريز حيث تعلّم الصّرف والنّحو، وعلم المعاني وعلم البيان، والفقه وعلم الأصول، وعلم الكلام. سنة 1344هـ، بغية إكمال دراسته، انتقل الطباطبائي إلى النّجف الأشرف وأمضى فيها أحد عشر عاماً منشغلاً بالدّراسات الفقهيّة والأصوليّة والفلسفيّة والعرفانيّة والرّياضيّة. وبسبب تدهور الأوضاع الاقتصاديّة، اضطرّ الطباطبائي إلى مغادرة النّجف والعودة إلى مسقط رأسه تبريز حيث اشتغل بالزّراعة لمدّة عشر سنوات في قرية "شادباد" التبريزيّة. وقام خلال هذه الفترة بتأليف رسائل عرفانيّة وفلسفيّة، منها "الإنسان قبل الدنيا" و"الإنسان في الدّنيا" و"الإنسان بعد الدّنيا"، والرسائل الأربع وغيرها من الرسائل. وبسبب الاضطرابات التي حدثت في محافظة أذربيجان، توجّه الطباطبائي إلى قم سنة 1364هـ، وظلّ يعيش فيها ما يقارب 35 سنة، حيث درّس علم التّفسير والفلسفة والعلوم العقليّة. ومنذ سنة 1368هـ، شرع بتدريس الأخلاق والعرفان، ثم قام بعدها بتدريس رسالة السير والسلوك المنسوبة للسيّد بحر العلوم. وتخرّج على يده جيلٌ كبيرٌ من أكابر الحوزة وعلمائها وهم بين مفسِّر لكتاب الله العزيز وحكيم وأخلاقي.[3]

أساتذته

درس في "النجف" على يد أكابر العلماء، ومنهم: الميرزا محمد حسين النائيني (1247هـ - 1355 هـ) وأبو الحسن الأصفهاني (1284هـ - 1365 هـ) والشيخ محمد حسين الأصفهاني (1296هـ - 1361هـ) والمشهور بالكمباني، ودرس عندهم الفقه والأصول.

ودرس الرّياضيّات عند عبد القاسم الخونساري. ودرس المعارف الإلهيّة والأخلاق والعرفان والسّير والسلوك على يد الميرزا على القاضي(1285هـ - 1365 هـ).

وقد درس عند حسين البادكوبي (1293هـ - 1358 هـ) "الشفاء" لابن سينا، و"تمهيد القواعد" لابن تركة و"الأسفار" و"المشاعر" لصدر المتألّهين، و"المنظومة" لملّا هادي السبزواري، وكتاب "أثولوجيا" لأرسطو، و"طهارة الأعراق" لابن مسكويه. وكان الطباطبائي يُثني على أستاذه البادكوبي كثيراً وكان يصفه بالحكيم البارع.[4]

تلامذته

لقد امتاز العلامة السيّد محمّد حسين الطّباطبائي بجمع الخلق حوله بسبب المعنويّة الإلهيّة الرّفيعة، فكان عاملًا رئيسيًا في شدّ الطلاب إلى محاضراته القيّمة، إذ كان يحضرها المئات، فنال الكثيرون منهم درجة الاجتهاد في الحكمة وأصبحوا قادرين على تدريسها. ولقد درس على يديه جيل من الطلبة والأفاضل الذين نهلوا من علومه المختلفة، وكان لهم دورٌ بارزٌ في تنمية العلوم العقليّة التي كان الطباطبائي يولّيها اهتمامه، نذكر منهم: الشّهيد مرتضى المطهري، الشّهيد محمد حسين البهشتي، الشّهيد محمد مفتح الهمداني، الشّيخ علي القدوسي، الشّهيد محمد رضا السّعيدي، آية الله جوادي آملي، الأستاذ محمد تقي مصباح اليزدي، آية الله مكارم الشيرازي، الشّهيد مصطفى الخميني، السيّد عبد الكريم الأردبيلي، العلّامة السيّد محمّد حسين الطّهراني الذي ألّف كتاب "مهر تابان" حول شرح أحوال أستاذه العلّامة الطّباطبائي، والشّيخ أنصاري الشّيرازي.[5]

آثاره العلميّة

للعلامة الطباطبائي مؤلّفات كثيرة باللّغتين: العربيّة والفارسيّة، منها ما ألّفه في النّجف الأشرف، ومنها ما ألّفه في تبريز، ومنها ما ألّفه في قم المقدّسة، من أبرزها:

1- أصول الفلسفة والمذهب الواقعي، وهو عبارة عن مجالس علميّة عقدها الطباطبائي في البحث المقارن بين فلسفة الشرق والغرب. وقد نُشر في خمس مجلدات مع تعليقات وشروحات تلميذه الشّهيد مرتضي

المطهري.

2- حاشية على كتاب "الأسفار الأربعة" لصدر الدّين الشّيرازي، والذي درّسه رغم الصّعوبات التي واجهته أثناء تدريسه.

3- بداية الحكمة، وهو كتاب ألّفه للمبتدئين في دراسة الفلسفة.

4- نهاية الحكمة، وهو كتاب دراسي جامع للمسائل الفلسفيّة.

5- الرّسائل التّوحيديّة، وهي رسائل ثلاث في طبيعة الإنسان قبل الدّنيا، وفي الدّنيا، وبعد الدّنيا.

6- الرّسائل السبع، وهو مجموعة تحتوي على رسائل فلسفيّة وهي البرهان، المغالطة، التركيب، التحليل، الاعتباريات، المنامات والنبوات، القوة والفعل.

7- الشيعة في الإسلام، تُرجم إلى الإنجليزيّة من قبل حسين نصر تحت عنوان Shi'ite in Islam بمساعدة وليام شيتيك.

8- ومن أهمّ أعماله ذات القيمة العالية وتُعتبر زبدة وخلاصة دراساته القرآنيّة "الميزان في تفسير القرآن" في عشرين مجلداً. وقد ترجم إلى الفارسيّة وإلى لغات أخرى.[6]

وفاته

بقي الطباطبائي في مدينة قم حتى وافته المنيّة في الساعة التاسعة صباحاً من يوم الأحد المصادف 18 محرم الحرام سنة 1402هـ، وشيّع تشييعاً مهيباً بعد إعلان الحداد الرّسمي، وقد ووري جثمانه الطاهر الثرى في أحد جوانب مرقد السّيّدة الطّاهرة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم عليهما السلام.[7]

كلمات العلماء حوله

1- يقول العلّامة الطهراني: "لقد بلغ أستاذنا العلامة الطباطبائي مبلغ الكمال في العناصر الثلاثة جميعاً، بل حاز بين الأقران على المرتبة الأولى. فمن جهة كمال القوة العقليّة والحكمة النظريّة، ثمّ اتفاق على ذلك بين الصديق والعدو، وقد كان في ذلك ممن لا نظير له في العالم الإسلامي. وأمّا من جهة كمال القوة العلميّة والحكمة العلميّة والسير الباطني في المدارج ومعارج عوالم الغيب والملكوت، والبلوغ إلى درجات المقرّبين والصّدّيقين، فقد كان صمته عن ذلك وسكوته عنه، وإطباق شفتيه عليه حتى في حياته، ممّا لا يسمح لنا أن نكشف السّتار عن أكثر من ذلك في هذه المرحلة، لا سيّما وأنَّه كان يعتبر كتمان السرّ من أعظم الفرائض. وأمّا من جهة الشّرع، فقد كان فقيهاً مشرعاً، بذل سعيه بتمام معنى الكلمة في رعاية السنن والآداب، ولم يكن يتوانى عن الالتزام بأداء أقل المستحبّات، وكان ينظر بعين التّعظيم والإجلال والتّبجيل لأولياء الشرع المبين."[8]

2- يقول آية الله الحاج الشيخ محمد تقي الآملي في مكانة الطباطبائي بين أقرانه من التلامذة: "إن كان ينبغي للمرء أن يصل إلى مرحلة معيّنة ويخطو خطوة ما في ظلّ رعاية وتربيّة كاملة، فإنّني لا أرى بالنّسبة لكم من هو أفضل من سماحة السّيّد الطّباطبائي، فعليكم بالتّردّد عليه أكثر، فإنّه والمغفور له السّيّد أحمد الكربلائي الكشميري كانا الأفضل من بين تلامذة المغفور له السّيّد القاضي، وكان للسّيّد الطّباطبائي في ذلك الوقت الكشفيّات الكثيرة."[9]

3- وممّا قال عنه قائد الثّورة الإسلاميّة السّيّد علي الخامنئي دام ظله العالي: "لقد كان من الذين لا يمكن تربيّة أمثاله إلّا في الحضن المبارك لعقيدة جامعة، كالإسلام. كان وجهه المعنويّ صورة صلبة لرجل قرن الإيمان الرّاسخ والعرفان الحقيقيّ بعلم واسع وعميق...وكان يعدّ من أسطع الجواهر في مائدة المتاع القيّمة في الحوزة العلميّة في قم...وكانت المعارف التي تخرج من لسانه وقلمه وتطبع على صفحات القلوب والأوراق، تنتشر من خلال مئات وآلاف الألسن ومئات وآلاف الكلمات في كلّ مكان وكان يعلّم الجميع العلم والمعرفة."[10]

4- يذكر آية الله الشّيخ جوادي آملى عن أُستاذه العلّامة الطّباطبائى: "إنّه بلغ أوج التكامل العقلىّ والتّجرّد الرّوحى، صار معه يدرك الكلّيّات العقليّة بدون تدخّل قوّة التّخيّل وتمثّل مصداقها فى مرحلة الخيال، وتجسّدها فى مرتبة المثال المتّصل، أو بصرف النظر عن ذلك."[11]


[1]- راجع: الأوسى، على، العلامة الطباطبائى ومنهجه فى تفسير الميزان، ص 36.

[2]- راجع: طباطبايي، محمد حسين، مجموعه مقالات، پرسشها و پاسخها، ج 1 ص 3، بالفارسية.

[3]- راجع: المصدر السابق.

[4]- راجع: المصدر السابق.

[5]- راجع: هنديجاني فرد، عارف، علوم القرآن عند العلامة آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي، دراسة مقارنة، ص42-64.

[6]- راجع: المصدر السابق، ص42-64.

[7]- انظر: المصدر السابق، ص60-64، بالتّصرّف، وراجع: الأوسى، على، العلامة الطباطبائى ومنهجه فى تفسير الميزان، ص51.

[8]- حسينى طهرانى، محمد حسين، مهر تابان: يادنامه و مصاحبات تلميذ و علامه عالم ربانى علامه سيد محمدحسين طباطبائى تبريزى، ص122.

[9]- هنديجاني فرد، عارف، علوم القرآن عند العلامة آية الله السّيّد محمد حسين الطّباطبائيّ، دراسة مقارنة، ص53، نقلا عن سيرة العلامة الطباطبائي، بقلم كبار العلماء والأعلام، ص29.

[10]- المصدر السابق، ص54، نقلا عن سيرة العلامة الطباطبائي، بقلم كبار العلماء والأعلام، ص6-7.

[11]- المصدر السابق.

من هو ناصر الدين الألباني؟

محمد ناصر الدين الألباني هو أحد العلماء الّذين اشتهروا في علم الحديث النبويّ الشّريف، والّذي عُرِف عنه كباحث مختصّ في علوم الحديث، فهو كالبخاريّ في عصره، وفيما يأتي نبذة عن الألبانيّ:

اسمه ونشأته

هو العلّامة محمّد ناصر الدين الألباني الأرنؤوطي، وُلِد في ألبانيا سنة 1914م في منطقة أشقودرة، كان والده أحد علماء المذهب الحنفي، هاجر إلى سوريا بعد أحداث منع النّساء من الحجاب والنّقاب من قبل الرئيس الألبانيّ؛ فكان لهجرته سببًا في تعلّم الّلغة العربيّة، وتفرّغه للعلّم.

دراسته

درس الإبتدائيّة في مدرسة جمعيّة الإسعاف الخيري في دمشق، ثمّ وضع له والده خطّة دراسيّة؛ لدراسة علوم القرآن الكريم، والحديث النّبويّ، بالإضافة إلى تعلّم "الفقه الحنفيّ"، وقد ساعده على ذلك وجود مكتبة لوالده مليئة بالكتب، ولكنّه لم يكتفِ بذلك فكان يقضي السّاعات الطّوال في "المكتبة الظاهريّة" في دمشق؛ حتى ينهل من كلّ العلوم. أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهرة فيها، وأخذ يتكسّب رزقه منها، وقد وفرّت له هذه المهنة وقتاً جيداً للمطالعة والدّراسة، وهيّأت له هجرته للشام معرفة باللّغة العربيّة والاطّلاع على العلوم الشرعيّة من مصادرها الأصليّة. وعلى الرّغم من توجيه والد الألباني المنهجيّ له بتقليد المذهب الحنفي وتحذيره الشّديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ الألباني بالتوجّه نحو علم الحديث وعلومه، فتعلّم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثّراً بأبحاث مجلّة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا، و كان أوّل عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب "المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي مع التّعليق عليه. كان ذلك العمل فاتحةَ خيرٍ كبيرٍ على الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث وعلومه شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلميّة بدمشق، حتى إنّ إدارة المكتبة الظاهريّة بدمشق خصّصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلميّة.

آثاره العلميّة

يعدّ الألبانيّ من علماء العصر الحديث، وممّن لهم باعٌ كبيرٌ في حفظ الأحاديث النّبويّة الشّريفة، وقد عُرِف عنه نهمه الشّديد في طلب العلم وتدوينه، على الرّغم من فقره، فكان لا يستطيع شراء الكتب ولا الأوراق، فقد كان يبحث عن الأوراق المكتوبة السّاقطة حتى يأخذها ويكتب على ظهرها، فلم يمنعه فقره من القعود عن طلب العلم حتى أنجز الكثير منها. ألّف العديد من الكتب في علم الحديث، من أشهرها "السّلسلة الصّحيحة" و"صحيح الجامع" و"ضعيف الجامع" و"السّلسلة الضعيفة". ألقى عدّة محاضرات عن علم الحديث النّبويّ في عدّة دُول مثل مصر، وقطر، والسعوديّة، وأستراليا، وغيرها من الدُّول. اختير الألبانيّ ليقوم بتخريج أحاديث البيوع في موسوعة في الفقه الإسّلاميّ في دمشق. تمّ اختيار الألبانيّ كعضو في لجنة الحديث التي تمّ إعدادها للإشراف على نشر كتب السّنة النّبويّة، عندما تمّت الوحدة بين مصر وسوريا. لبّى دعوة اتحاد الطّلبة المسلمين في إسبانيا لإلقاء محاضرة، بعنوان "الحديث حجّة بنفسه في العقائد والأحكام" وقد تمّت طباعتها. إضافة إلى ذلك اشتغل بالتّدريس في الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة لمدّة قصيرة.

وفاته

توفّي الألباني قبيل يوم السبت في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة 1420هـ. ق، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، ودفن بعد صلاة العشاء. وقد عجّل بدفن الألباني لتنفيذ وصيّته كما أمر. بالرّغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الألباني إلا المقرّبين منهم حتى يعينوا على تجهيزه ودفنه، أنّ خمسة آلاف المصلّين قد حضروا صلاة جنازته.

كلمات العلماء حوله

من الذين مدحوا الألباني منهم:

1- قال عبد العزيز بن باز: "ما رأيت تحت أديم السّماء عالمًا بالحديث في العصر الحديث مثل العلّامة محمد ناصر الدين الألباني."ووصفه بأنّه مجدّد هذا العصر في علوم الحديث.

2- وزعم محمد صالح العثيمين: "فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنّه حريص جداً على العمل بالسنة، ومحاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أمّا من خلال قراءتي لمؤلّفاته فقد عرفت عنه ذلك، وأنّه ذو علم جم في الحديث، رواية ودراية،..."

بعد أن عُرف الألباني واشتهر في الأوساط العلميّة، كداعية للمذهب الوهابي- كما يظهر من أقوال عبد العزيز بن باز ومحمد صالح العثيمين- ومتأثّرا بأفكار السّلفيّة، وسائرا على نهج ابن تيمية ومن اتّبعه، وقف ضدّه من يخالفه الرأي ولا يعتقد بأفكار الوهابيّة من علماء ومثقّفين من أتباع مدرسة الخلفاء وأهل البيت. وقام جماعة من المشايخ والعلماء بالردّ على الألباني وكتبه وأفكاره، فألّفوا عدّة رسائل منها: تنبيه المسلم إلى تعدّي الألباني على صحيح مسلم للشيخ محمد سعيد الشافعي، القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع للشيخ عبد الله ابن الصديق الغماري، قاموس شتائم الألباني للشيخ حسن بن علي السقّاف، تناقضات الألباني الواضحات، له أيضا، الألباني شذوذه وأخطاؤه للشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ثمّ شيّعني الألباني للشيخ عبد الحميد الجاف.

دراسة نقدية لمصادر المعرفة عند ابن تيمية


دراسة نقدية لمصادر المعرفة عند ابن تيمية

الحركة في المجردات

الحركة في المجرّدات

 سيد غيور الحسنين

خلاصة البحث

يعتقد معظم الفلاسفة أنّ المجرّدات ثابتة وينفون الحركة فيها عن طريق البساطة وفقدان مزيج من القوّة والفعل. ولمّا كانت الحركة خروج الشيء من القوة إلى الفعل، ولا يتمكّن الموجود البسيط الذي هو لا يتركّب من القوة والفعل من الحركة، فيُثبت عدم إمكانية الحركة في المجرّدات التي تحظى بوجود بسيط لاينفعل. ولكن يجدر هنا الانتباه إلى أنّ قيد "القوّة" في الحركة لا يعني ضرورةً الأمر الذي يمتدّ جذوره في "الهيولى" المشائي وإن جاءت القوّة في تعريف الحركة عند منكري الهيولى المشائي، بل تنسجم "القوّة" أو كون الأمر "بالقوّة" مع بساطة المتحرّك وموضوع الحركة. وعليه فإنّه لا يمكن نفي كون المجرّدات موضوعاً للحركة، وذلك بسبب كونها بسيطة وفاقدة للمادّة. ونحن نسعي في هذا المبحث أن نعرض أهمّ الأدلة والطرق التي يمكننا من خلالها إثبات هذه المسألة المهمة المتعلّقة بمستقبلنا.

الكلمات المفتاحية

 الحركة، المجرّدات، الماديّات، القوة، الفعل، التكامل.

 

 

ادامه نوشته

دراسة نقدية لنظرية المعرفة عند ابن تيمية

دراسة نقدية لنظرية المعرفة عند ابن تيمية 

http://uplod.ir/m9aep6ea0tvo/IMG-20191210-WA0021.jpg.htm

نبذة عن حياة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام

نبذة عن حياة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام

دراسة نقدية لنظرية ابن تيمية حول حديث "مدينة العلم"

دراسة نقدية لنظرية ابن تيمية حول حديث "مدينة العلم"

الأستاذ المشرف: الشيخ الدكتور عبد المجيد زهادت

الطالب: سيد غيور الحسنين

المرحلة: الدكتوراه

خلاصة البحث

مسألة الأعلميّة والمرجعيّة العلميّة للإمام على عليه السلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و آله وسلّم من المسائل المطروحة بين المسلمين بشكل خاص. وتوجّه كثير من المحدّثين، والمفسّرين، والمتكلّمين، والفقهاء، وعلماء التاريخ حول هذه المسألة، وبذلوا جهودا كثيرا في إثبات نظرية الأعلميّة والمرجعيّة العلميّة لعلى بن أبى طالب عليه السلام بالآيات والروايات. ومنها حديث "مدينة العلم" الذي صرّح بعض كبار علماء السنّة بحسنه، ومنهم من صحّحه كالطبري، والحاكم، والسيوطي. فدعوى ابن تيمية أنّ حدیث "مدینة العلم" أضعف وأوهى، إفکٌ فضیح. من هذا المنطلق اختار الباحث البحث، وهدفه هو الحصول على معيار صدق الحديث عند ابن تيمية، و نقد آرائه في حديث "مدينة العلم"، والمنهج الذى يعتمد عليه الباحث خلال دراسته هو المنهج الوصفى التحليلى.

 يفكّر ابن تيمية أنّ النبي صلى الله عليه وآله و سلّم إذا كان مدينة العلم لم يكن لهذه المدينة إلا باب واحد و لا يجوز أن يكون المبلِّغ عنه واحد، بل يجب أن يكون المبلِّغ عنه أهل التواتر. يرد عليه بأنّ کما لا یضرّ توحّد النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم فی إبلاغه، بعد ثبوت حقّیّته، کذلک لا یضرّ توحّد الإمام فی تبلیغه عن النبی صلى الله عليه و آله و سلّم، بعد ثبوت حقّیّته بالأدلة الکثیرة ومنها حدیث مدینة العلم. إذن نظرية ابن تيمية حول حديث "مدينة العلم" - سنداً و متناً- غير قابل للقبول.  

الكلمات المفتاحية

حديث مدينة العلم، ابن تيمية، السند، المتن، النقد.

مقدمة                                       

        الحمد لله ربّ العالمين، الصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، و على آله الطيّبين الطّاهرين. أمّا بعد، فإنّ الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عديدة متكاثرة، وشهيرة متواترة. و منها حديث"مدينة العلم" أو حديث "الباب" الذي يدل على أعلميّة علي بن أبي طالب عليه السلام و عصمته.

أجمعت الشيعة على تواتر حديث "مدينة العلم"، وصرّح بعض كبار علماء السنّة بحسنه، ومنهم من صحّحه كمحمد بن جرير الطبري والحاكم النيسابوري والخطيب البغدادي والسيوطي، وقد أدرج صاحب الغدير قائمة تضم إحدى وعشرين محدثاً من محدثي أهل السنة بين محسّن للحديث ومصحّح له. ولكن ابن تيمية ينكر هذا الحديث من الأصل، و يشكل على متنه بإشكالات واهية و شنيعة، و جميعها قابلة للنقد. من هذا المنطلق اختار الباحث البحث و جعله موضع الدراسة و النقد.

يشتمل هذا البحث على ثلاثة فصول: الأول يحتوى على الكليات، والثاني يتعلق بتبيين سند حديث "مدينة العلم" عند ابن تيمية وإبطال نظريته، والثالث يبحث عن متن الحديث عنده و نقد أفكاره فيه. و في الأخير ذكر النتائج التي توصّل إليها من خلال البحث.     

الفصل الأول: الكليات

1- تبيين المسألة

حديث "الباب" أو روايت "مدينة العلم" الذي جعل فيه رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم- نفسه مدينة العلم، و عرّف الإمام على عليه السلام بابها. و ابن تيمية ينكر هذا الحديث سندا و بعد ذلك يشكل على متنه، و جميع الإشكالات قابلة للنقد.

2- السؤال الأصلى و الأسئلة الفرعية

1-2- السؤال الأصلى

ما هو نظرية ابن تيمية حول حديث "مدينة العلم" و ما هو نقدها؟

2-2- الأسئلة الفرعية

1- ما هو إشكال ابن تيمية على سند رواية "مدينة العلم" و ما هو جوابه؟

2- ما هى نظرية ابن تيمية فى متن حديث " الباب" و ما هو نقدها؟

3- سابقة البحث

1-3- تاريخية البحث

حديث "مدينة العلم" من زمن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم كان مطروحا بين المسلمين. و ذكره الترمزي و الحاكم في كتبهم الحديثية، و كان موضعا للجدل بين علماء المسلمين. بعض منهم من صحّح هذا الحديث سندا و متنا، و بعض منهم من ضعّفه كابن تيمية. ولكن لم يكتب كتابا مستقلا حول هذا الحديث الأهم إلى زمن متأخر. فكتب السيد مير حامد حسين هندى - من علماء الشيعة- مجلدا كاملا حول هذا الحديث بالتفصيل، و طرحه أحمد المغربى - من علماء السنة- في كتاب مستقل تبيانا لأصحّ  سند له.      

2-3- المنابع

1-2-3- المنابع المستقيمة

1- کنتوری، میرحامد حسین، خلاصه عبقات الأنوار

2- الشوکانی، محمدعلی، جواب علی معنی حدیث أنا مدینة العلم و علی بابها

3-  المغربی، أحمد بن محمد بن الصدیق، فتح الملک العلی بصحة حدیث باب مدینة العلم.

4- صا‌ئغ‌، بدرالدین‌، أنا مدینة العلم و علی بابها

5- رفيعى، محسن، و شريفى، معصومه، باز خوانى نظريه ابن تيميه درباره حديث باب و نقد آن با تكيه بر منابع اهل سنت، علوم قرآن و حدیث :: سفینه :: پاییز 1391 ، سال 9 - شماره 36 ، از 29 تا 44.

2-2-3- المنابع غير المستقية

1- أمينى، الغدير، ج11، تحت شرح أشعار شمس الدين مالكى.

2- طبسى، محمد محسن، جايگاه روايي ابا صلت هروى از ديدگاه فریقین. ادیان، مذاهب و عرفان :: پژوهشنامه حکمت و فلسفه اسلامی :: زمستان 1388، شماره 30، از 91 تا 112.

4- أهداف البحث

1- الحصول على معيار صدق الحديث عند ابن تيمية

2- نقد آراء ابن تيمية في حديث "مدينة العلم"

5- منهج البحث

المنهج الذى يعتمد عليه الباحث خلال دراسته هو المنهج الوصفى التحليلى.

6- الجديد في البحث

حتى الآن لم تُكتب مقالة شاملة و لا كتابٌ يستوعب جميع جوانب آراء ابن تيمية حول حديث "مدينة العلم".

7- ثمرة البحث

إذا ثبت سند حديث "مدينة العلم" و متنه بأنه صحيح و قابل للاستدلال  فيثبت بذلك المرجعيّة العلميّة لعلى بن أبى طالب عليه السلام، و إحاطته لعلم النبى صلى الله عليه و آله وسلّم، و عصمته. و مع عدم صحّة الحديث لا يثبت به الأمور المذكورة، بل نحتاج في إثباتها إلى حديث آخر. 

الفصل الثانى:  دراسة سند حديث "مدينة العلم" عند ابن تيمية

1- كلمات حديث "مدينة العلم" فى الكتب الحديثية

 ورد  حديث "مدينة العلم" أو حديث "الباب" بثلاث عبارات في كتب حديثية:[1]

1- أنا مدينة العلم و علي بابها.[2]

2- أنا مدينة الحكمة و علي بابها.[3]

3- أنا دار الحكمة و علي بابها.[4]

2- تكذيب سند الحديث

قال ابن تيمية: "وأما حَدِيثُ  ((أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ)) فَأَضْعَفُ وَأَوْهَى وَلِهَذَا إنَّمَا يُعَدُّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ الْمَكْذُوبَاتِ وَإِنْ كَانَ التِّرْمِذِيُّ قَدْ رَوَاهُ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِ." [5]

و يكرّس في مكان آخر بعبارة تالية:

" وَمِمَّا يَرْوُونَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا)) فَأَجَابَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ كَذِبٌ." [6]

النقد

1- ذكر مير حامد حسين هندى 16 طرقا لهذا الحديث و يذكر أنه نُقل عن عشرة أصحاب و هم: الإمام على، والحسن، والحسين عليهم السلام، و ابن عباس، و جابر بن عبد الله الأنصارى، و ابن مسعود، و حذيفة بن يمان، و عبد الله بن عمر، و أنس بن مالك، و عمرو بن العاص.[7]   فكيف يكون هذا الحديث موضوعا؟

2- صرّح بعض كبار علماء السنّة بحسنه، ومنهم من صححه كيحيى بن معين، و محمد بن جرير الطبري وأبو عبد الله الحاكم النيسابوري والخطيب البغدادي والسيوطي، و منهم من ذكره مرسلا مسلّما، و منهم من وصف أمير المؤمنين بباب مدينة العلم، و منهم من يصفه في الأشعار بهذه الصفة.[8] مع هذه الأوصاف هل يمكن أن يكون هذا الحديث موضوعا؟ و مع ذلك يقبل ابن تيمية مكانة علماء الحديث المذكور، و يقول عنهم:

"وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ مِنَ الْخِبْرَةِ بِالْأَسَانِيدِ مَا لِأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، كَشُعْبَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَإِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، وَالْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيَّيْنِ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَنُقَّادِهِ وَحُكَّامِهِ وَحُفَّاظِهِ الَّذِينَ لَهُمْ خِبْرَةٌ وَمَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْوَالِ مَنْ نَقَلَ الْعِلْمَ وَالْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (وَتَابِعِيهِمْ) ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ نَقَلَةِ الْعِلْمِ. وَقَدْ صَنَّفُوا الْكُتُبَ الْكَثِيرَةَ فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ الَّذِينَ نَقَلُوا الْآثَارَ، وَأَسْمَاءَهُمْ، وَذَكَرُوا أَخْبَارَهُمْ، وَأَخْبَارَ مَنْ أَخَذُوا عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ مِثْلَ  كِتَابِ الْعِلَلِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ  عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَالْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَأَبِي الْفَتْحِ الْأَزْدِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَغَيْرِهِمْ." [9]

فلماذا ابن تيمية لم يذكر رواية أحمد بن حنبل و يحيى بن معين[10] وهما صحّحا حديث "مدينة العلم"؟

3- قال جلال الدين السيوطى عن هذا الحديث: قلت: حديث علي أخرجه الترمزى و الحاكم، و حديث ابن عباس أخرجه الحاكم و الطبرانى، و حديث جابر أخرجه الحاكم.... والحاصل أنه ينتهي بطرقه إلى درجة الحسن المحتج به، و لا يكون ضعيفا فضلا عن أن يكون موضوعا...[11]

4- ابن حجر يقول عن هذا الحديث:  "و هذا الحديث له طرق كثيرة فى مستدرك الحاكم أقلّ أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغى أن يطلق القول عليه بالوضع."[12]

5- ذكر ابن تيمية أن الترمزى نقل حديث "مدينة العلم" و مع ذلك جعله موضوعا. فهذا دليل على أنّ الترمزى كتب الأحاديث الموضوعة في كتابه، ولكن جميع أهل السنة و ابن تيمية نفسه قائلون بمكانة عالية للترمزى. فدعوى أن حدیث مدینة العلم أضعف وأوهى، ولهذا إنما یعدّ فی الموضوعات، إفک فضیح، لما عرفت سابقاً من صحّة هذا الحدیث واستفاضته وشهرته بل و تواتره، حتى تجلّى ذلک کالشمس المنجلی عنها الغمام على رغم آناف المنکرین الطّغام، فمن العجیب تعامی ابن تیمیّه عن جمیع تلک النصوص والتصریحات من کبار المحقّقین، ومشاهیر نقده الأخبار والحدیث المعتمدین!![13] 

الفصل الثالث: دراسة متن حديث "مدينة العلم" عند ابن تيمية

1- تكذيب متن الحديث

قال ابن تيمية: "وَالْكَذِبُ يُعْرَفُ مِنْ نَفْسِ مَتْنِهِ؛ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ فِي إسْنَادِهِ: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ  ((مَدِينَةَ الْعِلْمِ)) لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْمَدِينَةِ إلَّا بَابٌ وَاحِدٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ وَاحِدًا؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ أَهْلَ التَّوَاتُرِ الَّذِينَ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ لِلْغَائِبِ وَرِوَايَةُ الْوَاحِدِ لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ إلَّا مَعَ قَرَائِنَ وَتِلْكَ الْقَرَائِنُ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُنْتَفِيَةً؛ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ خَفِيَّةً عَنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ فَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ الْعِلْمُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ؛ بِخِلَافِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ: الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ. وَهَذَا الْحَدِيثُ إنَّمَا افْتَرَاهُ زِنْدِيقٌ أَوْ جَاهِلٌ: ظَنَّهُ مَدْحًا؛ وَهُوَ مُطْرِقُ الزَّنَادِقَةِ إلَى الْقَدْحِ فِي عِلْمِ الدِّينِ - إذْ لَمْ يُبَلِّغْهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ."[14]

النقد

1-  کما أنّ نبیّ صلّى الله علیه وآله وسلّم بوحده کاف للإبلاغ عن الله عزّ وجلّ، وأنّه لثبوت حقّیّته غیرمحتاج إلى أن یشارکه فی الإخبار عن الله غیره، کذلک یکفی فی الإبلاغ عن النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم وجود  أمیر المؤمنین علیه السلام، و لا حاجة إلى أن یشارکه أحد فی الإبلاغ کائناً من کان، للقطع بحقّیّه ما یبلّغه عن النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم. وإنّ حدیث مدینة العلم ـ بالإضافة إلى غیره من الأدلة ـ شاهد صدق على ذلک. ومن هنا جعل أهل العلم والیقین حدیث مدینة العلم من أدلّة عصمة أمیر المؤمنین، وقد وقع التصریح بذلک من نصوص أعاظم المخالفین.

والحاصل: کما لا یضرّ توحّد النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم فی إبلاغه، بعد ثبوت حقّیّته، کذلک لا یضرّ توحّد الإمام فی تبلیغه عن النبی صلى الله عليه و آله و سلّم، بعد ثبوت حقّیّته بالأدلة الکثیرة ومنها حدیث مدینة العلم.[15]

2- وأمّا قول ابن تیمیه: "ولهذا اتفق المسلمون على أنّه لا یجوز أن یکون المبلّغ عنه العلم واحدا، بل یجب أن یکون المبلّغون أهل التواتر، الذین یحصل العلم بخبرهم"[16] فظاهر السقوط جدّاً، لمنافاته لتصریحات أئمة علم أصول الفقه وعلوم الحدیث، کما لا یخفى على المتتبّع لها، فإنّ قاطبة أهل السنّة یوجبون العمل بخبر الواحد، ولم یخالف فی هذا الحکم إلاّ شاذ لا یعبأ به، وإلیک نص عبارة أبی الحسن البزدوی فی هذا المطلب، لیتّضح بطلان دعوى ابن تیمیّه بوجوه عدیدة:

قال البزدوی: "باب خبر الواحد، وهو الفصل الثالث من القسم الأول، وهو کلّ خبر یرویه الواحد أو الإثنان فصاعداً، لا عبرة للعدد فیه، بعد أن یکون دون المشهور والمتواتر، وهذا یوجب العمل ولا یوجب العلم یقیناً عندنا، وقال بعض الناس: لا یوجب العمل، لأنه لا یوجب العلم، ولا عمل إلاّ عن علم. قال الله تعالى: (وَلا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ)[17] وهذا لأنّ صاحب الشرع موصوف بکمال القدرة، فلا ضرورة له فی التجاوز عن دلیل یوجب علم الیقین، بخلاف المعاملات لأنها من ضروراتنا، و کذلک الرأی من ضروراتنا، فاستقام أن یثبت غیر موجب علم الیقین. وقال بعض أهل الحدیث: یوجب علم الیقین، لما ذکرنا أنه أوجب العمل، ولا عمل من غیر علم، وقد ورد الآحاد فی أحکام الآخره مثل: عذاب القبر، و رؤیة الله تعالى بالأبصار، و لا حظّ لذلک إلاّ العلم. قالوا: و هذا العلم یحصل کرامة من الله تعالى، فثبت على الخصوص للبعض دون البعض، کالوطء تعلّق من بعض دون بعض، ودلیلنا فی أنّ خبر الواحد یوجب العمل واضح، من الکتاب والسنة والإجماع والدلیل المعقول........" [18]

ولقد أکثر العلماء من الأدلة المختلفة فی هذه المسألة، وبلغ القول بحجیّة خبر الواحد حدّاً من الخطورة، حتّى ألّف الکثیرون من علماء أهل السنّة فی هذه المسألة مصنّفات مستقلاّت، نصّ على ذلک الحافظ النووی حیث قال: "وقد تظاهرت دلائل النصوص الشرعیّة والحجج العقلیّة، على وجوب العمل بخبر الواحد، وقد قرّر العلماء فی کتب الفقه والأصول ذلک بدلائله، وأوضحوه إیضاحا، وصنّف جماعات من أهل الحدیث وغیرهم مصنّفات مستکثرات مستقلات فی خبر الواحد ووجوب العمل به. والله أعلم"[19]

إذن أهل السنة والجماعة يعتمدون على الخبر الواحد كما لاحظت من النصوص الماضية و كلام ابن تيمية يخالفهم. 

3- قول ابن تيمية: "خبر الواحد لا یفید العلم الا بقرائن و تلک قد تکون منتفیة أو خفیّة عن أکثر الناس، فلا یحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة"[20]  يرد عليه:

أولا:  لکنّ الحق الحقیق بالقبول هو: أنّه لا بدّ للمنصوب من قبل النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم لأجل الإخبار والتبلیغ عنه إلى الأمّة، من حجة ـ من نص أو دلیل ـ تثبت حقیّته، کی تقبل منه الأمّة ما یبلّغه إلیها، ومع وجود النّص أو الدلیل لا حاجة إلى احتفاف خبره بقرینة، حتى یقال بأنها: "قد تکون منتفیة أو خفیة عن أکثر الناس، فلا یحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة"، بل إنّ خبره یکون ـ بسبب النص علیه ـ مفیداً للعلم. وهذا المعنى ثابت فیما نحن فیه، لإفادة حدیث مدینة العلم نصب علی علیه السلام لهذا المنصب، فخبره علیه السلام مفید للعلم والیقین. ومن هنا یظهر أنّ قیاس خبره علیه السلام على خبر غیره من آحاد المخبرین، کقیاس الماء على السّراب، وهو یخالف الحق والصواب.[21]

ثانيا: ثم إنّ التخصیص بالقرآن والسنة لا وجه له، لأنه بناء على ما توهّمه ابن تیمیّة لا یثبت بخبر هذا المخبر علم مطلقاً، سواء کان قرآناً أو سنة متواترة، أو سنة غیر متواترة، فقصر نفی العلم على القرآن والسنّة المتواترة لا وجه له، بل کان مقتضى القاعدة أن یقول: "بالقرآن والسنة غیر المتواترة، بل السنّة المتواترة" کما لا یخفى على البصیر بأسالیب الکلام.[22]

2- نفى عصمة الإمام علي عليه السلام

يقول ابن تيمية: "وَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ الْوَاحِدُ الْمَعْصُومُ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ. قِيلَ لَهُمْ: فَلَا بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ بِعِصْمَتِهِ أَوَّلًا، وَعِصْمَتُهُ لَا تَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ خَبَرِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ  عِصْمَتُهُ، فَإِنَّهُ دَوْرٌ، وَلَا تَثْبُتُ  بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّهُ لَا إِجْمَاعَ فِيهَا، وَعِنْدَ الْإِمَامِيَّةِ إِنَّمَا يَكُونُ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً، لِأَنَّ فِيهِمُ الْإِمَامَ الْمَعْصُومَ، فَيَعُودُ الْأَمْرُ إِلَى إِثْبَاتِ عِصْمَتِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، فَعُلِمَ أَنَّ عِصْمَتَهُ لَوْ كَانَتْ حَقًّا لَا بُدَّ أَنْ تُعْلَمَ بِطَرِيقٍ آخَرَ غَيْرِ خَبَرِهِ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَدِينَةِ الْعِلْمِ بَابٌ إِلَّا هُوَ، لَمْ يَثْبُتْ لَا عِصْمَتُهُ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا افْتَرَاهُ زِنْدِيقٌ جَاهِلٌ ظَنَّهُ مَدْحًا، وَهُوَ مَطْرَقُ  الزَّنَادِقَةِ إِلَى الْقَدْحِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ إِذْ لَمْ يُبَلِّغْهُ إِلَّا وَاحِدٌ."[23]

النقد

1- أمّا قول ابن تيمية: "وإذا قالوا: ذلک الواحد معصوم یحصل العلم بخبره. قیل لهم: فلا بدّ من العلم بعصمته أولا" فالکلام علیه بوجوه:

أولا: کأنّ ابن تیمیّة لا یعلم بأنّ مقتضى مذهب الإمامیة هو القول بعصمة هذا المبلّغ المنصوب للتبلیغ!!

ثانيا: إنّ عصمة هذا المبلّغ الواحد ثابتة من حدیث مدینة العلم، وقد اعترف به بعض المنصفین من أهل السنّة، فیکون حدیث مدینة العلم دالاًّ على مبلّغیة أمیر المؤمنین علیه السلام وعصمته معاً. فبطل قوله: "فلا بدّ من العلم بعصمته أوّلا"

ثالثا: إنّ عصمة أمیر المؤمنین علیه السلام ثابتة من آیات من الکتاب، وأحادیث کثیرة عن النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم في كتب السنة والشيعة معا.

رابعا: إنّ نصب هذا المبلّغ من قبل النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم هو ـ عند التأمل ـ عین النصب للإمامة والخلافة، فیکون مجرّد النصب دلیل العصمة.

خامسا: لقد دلّت الآیة المبارکة: (وَما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْیٌ یُوحى)[24] على أن جملة أفعال النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم هی من جانب الله عزّ وجلّ، وعلى هذا یمکن أن یقال بکون الناصب للتبلیغ هو الله عزّ وجلّ نفسه، ولمّا کان هذا النصب عین النصب للإمامة والخلافة عن النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم، وهی لا تثبت إلاّ للمعصوم، فالنصب الإلهی للتبلیغ کاشف عن اتّصاف المنصوب له بالعصمة.

وبما ذکرنا یظهر الجواب عن قوله: "وعصمته لا تثبت بمجرّد خبره، قبل أن یعلم عصمته، فإنّه دور" إذ لا توقُّف لثبوت عصمته على خبره، لکن یمکن إثبات عصمته بخبره أیضاً، لأنّ خبره لیس مجرداً، بل مقرون بالمعجزات الباهرة المتواترة الموجبة للعلم بالعصمة، فلا دور کذلک. [25]

2- وأمّا قول ابن تيمية: "ولا تثبت بالإجماع، فإنه لا إجماع فیها عند الإمامیة، وإنما یکون الإجماع حجة لأن فیهم الإمام المعصوم، فیعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرّد دعواه" فجوابه:

أولا: أنّه إن أراد نفی الإجماع من أصحاب الضلال فهذا لا یضرّنا أبداً، إذ لا حجّیة لإجماع هؤلاء أصلا، وإن أراد نفی إجماع الإمامیة، فهذا إنکار للبداهة، لأنّ الإمامیة أجمعین قائلون بعصمة هذا الواحد المبلّغ عن الرسول صلّى الله علیه وآله وسلّم.

ثانيا: ثم إنّ المراد من هذا المبلّغ هو أمیر المؤمنین علیه السلام، والنبىّ صلّى الله علیه وآله وسلّم داخل فی الإجماع المتحقّق على عصمته، وعصمة النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم لا یرتاب فیها مؤمن، وإن کان لأهل السنة فیها کلام .

ثالثا: فإنّ الحسنین علیهما السلام داخلان فی المجمعین، وعصمتهما ثابتة بالدلائل القطعیة الأخرى غیر الإجماع.

رابعاً: فی المجمعین سائر أئمة أهل البیت، المعصومون بالأدلة من الکتاب والسنّة. فظهر بطلان دعواه بعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرّد دعواه، وظهر جواز الاستدلال بالإجماع لإثبات عصمة کلّ واحد من الأئمة الأطهار، لأنه لیس من قبیل إثبات عصمة ذاک الإمام بقول نفسه لیلزم الدور، وأمّا عصمة کلّهم، فقد ثبتت بالأدلة القطعیّة الأخرى غیر الإجماع، کما ثبت عصمة کلّ واحد منهم بها. وظهر أیضاً بطلان قوله بعد ذلک: "فعلم أنّ عصمته لو کانت حقّاً، لا بدّ أن تعلم بطریق آخر غیر خبره." لما عرفت من إمکان ثبوت عصمته بخبره، لاقترانه بما یوجب العلم والیقین، فضلا عن ثبوتها بالأدلّة والطرق الأخرى.

وإذ ظهر بطلان کلماته، فقد ظهر بطلان ما قاله کنتیجة لتلک الکلمات، وهو قوله: "فلو لم یکن لمدینة العلم باب إلاّ هو، لم یثبت لا عصمته ولا غیر ذلک من أمور الدّین."

وتحصّل: أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام هو الباب لمدینة العلم، وهو المبلّغ الوحید عن النبی الکریم صلّى الله علیه وآله وسلّم، وإذا ثبت ذلک ثبتت عصمته وغیرذلک من أمور الدین.[26]

3-  وأمّا ما تفوّه به ابن تیمیّه لشدة عناده وحقده: "فعلم أنّ هذا الحدیث إنما افتراه زندیق جاهل، ظنّه مدحاً وهو یطرق الزنادقة إلى القدح فی دین الإسلام، إذ لم یبلّغه إلاّ واحد." فمن الکفریّات الشنیعة، والله سبحانه وتعالى حسیبه والمنتقم منه یوم القیامة.

لقد علمتَ أنّ حدیث مدینة العلم حدیث رواه أکابر العلماء الثقات عند أهل السنّة، طبقة بعد طبقة، و جیلا بعد جیل، و فیهم من حکم بصحّته، وجعله جماعة من أجلّى فضائل ومناقب النبی والوصی علیهما وآلهما الصلاة والسّلام… وقد وقفت على عبارات هؤلاء الکبار، وإفادات أولئک الأحبار، فیلزم من تقوّل ابن تیمیّه هذا أنّ یکون أولئک الأئمة الکبار والمشایخ العظام: عبد الله بن عثمان القارئ، وسفیان بن سعید الثوری، وعبدالرزاق الصنعانی، ویحیى بن معین، وسوید بن سعید الحدثانی شیخ مسلم، وأحمد بن حنبل، وعباد بن یعقوب الرواجنی شیخ البخاری، وأبو عیسى الترمذی، والحسین بن فهم البغدادی، وأبو بکر البزّار، ومحمد بن جریر الطبری، وأبو بکر الباغندی، وأبو العباس الأصم، وأبو الحسن القنطری، وأبو بکر الجعابی، وأبو القاسم الطبرانی، وأبو بکر القفّال، وأبو الشیخ الأصبهانی، وابن السقاء الواسطی، وأبو اللیث السمرقندی، ومحمد بن المظفر البغدادی، وابن شاهین البغدادی، وأبو الحسن السکری الحربی، وابن بطه العکبری، والحاکم النیسابوری، وابن مردویه الأصبهانی، وأبو نعیم الأصبهانی، وأبو الحسن العطّار، وأبو الحسن الماوردی، وأبو بکر البیهقی، وابن بشران، والخطیب البغدادی، وابن عبد البر، وأبو محمد الغندجانی، وابن المغازلی، وابو المظفر السمعانی، وأبو علی البیهقی، وشیرویه الدیلمی، وعبد الکریم السمعانی، وأخطب خوارزم، وابن عساکر، وأبو الحجاج الأندلسی، ومجد الدین ابن الأثیر، وعز الدین ابن الأثیر،....أن یکون کلّ واحد من هؤلاء زندیقاً جاهلاً!! وإذا کان هؤلاء زنادقة جهالا، فهل تبقى لمذهب أهل السنة من باقیة؟! بل عرفت أنّ هذا الحدیث الشریف قد رواه التابعون العظام، عن صحابة النبی علیه وآله السلام، فاعترفوا به وجعلوه فضیلة لمولانا أمیر المؤمنین، لا سیّما أصحاب الشورى، الذین تلقّوه بالتسلیم، وقد صرّح بثبوته عبد الرحمن ابن عوف منهم تصریحاً تامّاً.

ولقد عرفت سابقا أنّ النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم لم یکتف بمجرّد قوله: "أنا مدینة العلم وعلی بابها"، بل إنّه بذل غایة الاهتمام فی إبلاغ ذلک إلى الأمة، إذ قاله فی یوم الحدیبیّة، مادّاً صوته، وآخذاً بعضد أمیر المؤمنین… إلى غیر ذلک من الأمور الدالّة على اهتمامه بإبلاغ هذا المعنى إلى الأمّة.

وبما ذکرنا یظهر أنّ ما قاله ابن تیمیّه لا یقول به إلاّ "زندیق جاهل، وهو یطرق الزنادقه إلى القدح فی دین الإسلام."[27]

نتيجة البحث

بعد دراسة حديث "مدينة العلم" – سنداً و متناً-  وصل الباحث إلى النتائج التالية:

1- منهج ابن تيمية في مقابل الأحاديث في مدح أهل البيت عليهم السلام منهج خاص الذي يشير إلى بغضه و عناده من آل البيت عليهم السلام. فمعيار صدق الحديث عنده غير مشخص.

2- صرّح بعض كبار علماء السنّة بحسنه، ومنهم من صححه كيحيى بن معين، و محمد بن جرير الطبري وأبو عبد الله الحاكم النيسابوري والخطيب البغدادي والسيوطي، و منهم من ذكره مرسلا مسلّما، و منهم من وصف أمير المؤمنين بباب مدينة العلم، و منهم من يصفه في الأشعار بهذه الصفة. فلماذا ابن تيمية لم يذكر روايتهم في كتبه؟

3-  کما لا یضرّ توحّد النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم فی إبلاغه، بعد ثبوت حقّیّته، کذلک لا یضرّ توحّد الإمام فی تبلیغه عن النبی صلى الله عليه و آله و سلّم، بعد ثبوت حقّیّته بالأدلة الکثیرة ومنها حدیث مدینة العلم.

4-  أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام هو الباب لمدینة العلم، وهو المبلّغ الوحید عن النبی الکریم صلّى الله علیه وآله وسلّم، وإذا ثبت ذلک ثبتت عصمته وغیرذلک من أمور الدین.

إذن نظرية ابن تيمية حول حديث "مدينة العلم" غير قابل للقبول.

المصادر و المراجع  

1- القرآن الكريم.          

2- ابن تيمية، أحمد، تقى الدين، الفتاوى الكبرى، تح: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1408هـ .ق.

3- ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، أحاديث القصاص، تح: د. محمد بن لطفي الصباغ، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت،  ط 2، 1405هـ - 1985م.

4- ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، مجموع الفتاوى، تح: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم و ابنه محمّد،  الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنوّرة، المملكة العربية السعودية، ط بلا، 1425هـ-2004م.

5- ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تح: محمد رشاد سالم، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط 1، 1406 هـ - 1986 م.

6- البخاري، علاء الدين، عبد العزيز بن أحمد،  كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، دار الكتاب الإسلامي ، ط بلا، بلا.

7- الترمزي، أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة، جامع الترمزى، بيت الأفكار الدولة، أردن، ط بلا، بلا.

8- الحاكم النيسابورى، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، تح: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط بلا، بلا.

9- رضوانى، على أصغر، سلفى گرى(وهابيت) و پاسخ به شبهات، انتشارات مسجد مقدس جمكران، قم، ط 9، 1393ش.

10- رفيعى، محسن، و شريفى، معصومه، باز خوانى نظريه ابن تيميه درباره حديث باب و نقد آن با تكيه بر منابع اهل سنت، علوم قرآن و حدیث :: سفینه :: پاییز 1391 ، سال 9 - شماره 36 ، از 29 تا 44.

11- السيوطي، جلال الدين، عبد الرحمن، الللآلى المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة، دار المعرفة، بيروت، لبنان،  ط بلا، بلا.

12-  الطبرانى، سليمان بن أحمد، تح: أحمدى عبد المجيد السلخى، ط بلا، بلا.

13- العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، لسان الميزان، تخريج: سلمان عبد الفتاح، أبو غدّة، مكتب المطبوعات الإسلامية، بيروت، ط 1، 1423هـ - 2002م.

14- كنتورى، مير حامد حسين، خلاصه عبقات الأنوار، حديث أنا مدينة العلم، تلخيص: سيد على ميلانى، ترجمه: محمد باقر محبوب القلوب، انتشارات نبأ، تهران، ط 1، 1387ش.

15- المزي، يوسف، جمال الدين أبي الحجاج، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تح: د. بشّار عوّاد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1413هـ - 1992م.

16- المغربي، أحمد بن محمد بن الصديق، فتح الملك العلي بصحّة حديث باب مدينة العلم علي، تح: محمد هادي أميني، إصفهان، مكتبة أمير المؤمنين، ط بلا، بلا.

17- النووي، محيي الدين، يحيى بن شرف،  أبو زكريا، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، 1392ش.     

 

 

 


[1] - رفيعى، محسن، و شريفى، معصومه، باز خوانى نظريه ابن تيميه درباره حديث باب و نقد آن با تكيه بر منابع اهل سنت، ص33- 35.

[2] - الحاكم النيسابورى، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص138، حديث4639.  

[3] - المغربي، أحمد بن محمد بن الصديق، فتح الملك العلي بصحّة حديث باب مدينة العلم علي،ص43.

[4] - الترمزي، أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة، جامع الترمزى، بيت الأفكار الدولة، أردن، ط بلا، بلا، ص582، ح3723.

[5] - ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، مجموع الفتاوى، ج4، ص410، و راجع: ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، ج7، ص515.

[6] - ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، أحاديث القصاص، ص62، و ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، مجموع الفتاوى ، ج18، ص123-124، وص377،  ابن تيمية، أحمد، تقى الدين، الفتاوى الكبرى، ج5، ص89.

[7] - انظر: كنتورى، مير حامد حسين، خلاصه عبقات الأنوار، حديث أنا مدينة العلم، ص40.

[8] - راجع: المصدر السابق، ص34- 40.

[9] - ابن تيمية، أحمد، تقى الدين، منهاج السنة، ج7، ص310-311.

[10] - المزي، يوسف، جمال الدين أبي الحجاج، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج18، ص77.

[11] - انظر: السيوطي، جلال الدين، عبد الرحمن، الللآلى المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة ، ج1، ص334، و راجع: الطبرانى، سليمان بن أحمد، ج11، ص66، باب الظاء، حديث11061.

[12] - السيوطي، جلال الدين، عبد الرحمن، الللآلى المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة ، ج1، ص334، و العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، لسان الميزان، ج2، ص465، و راجع: رضوانى، على أصغر، سلفى گرى(وهابيت) و پاسخ به شبهات،ص96-97، و الحاكم النيسابورى، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص138، حديث4639.   

[13] -انظر: كنتورى، مير حامد حسين، خلاصه عبقات الأنوار، حديث أنا مدينة العلم، ص693-695.

[14] -  ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، مجموع الفتاوى، ج4، ص410، و راجع:  ابن تيمية، أحمد، تقي الدين، منهاج السنة النبوية، ج7، ص515-516.

[15] - انظر: كنتورى، مير حامد حسين، خلاصه عبقات الأنوار، حديث أنا مدينة العلم، ص701.

[16] - ابن تيمية، أحمد، تقى الدين، منهاج السنة، ج7، ص515. 

[17] - الإسراء، 36.

[18] - البخاري، علاء الدين، عبد العزيز بن أحمد،  كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، ج2، ص370.

[19] - النووي، محيي الدين، يحيى بن شرف،  أبو زكريا، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ج1، ص62. 

[20] - ابن تيمية، أحمد، تقى الدين، منهاج السنة، ج7، ص515.

[21] - راجع: كنتورى، مير حامد حسين، خلاصه عبقات الأنوار، حديث أنا مدينة العلم، ص726.

[22] - المصدر السابق، ص726.

[23] - ابن تيمية، أحمد، تقى الدين، منهاج السنة، ج7، ص516.

[24] - النجم، 3-4.

[25] -انظر: كنتورى، مير حامد حسين، خلاصه عبقات الأنوار، حديث أنا مدينة العلم، ص727-728.

[26] - راجع: المصدر السابق، ص728-729.

[27] - راجع: المصدر السابق، ص729-731.

التشكيك عند الحكمة المتعالية

 

 

 

 

 

 

التشكيك عند الحكمة المتعالية

 

 

 

 

الطالب: سيد غيور الحسنين

آذر 1396

 

 

 

 

ادامه نوشته

قصيدة الإمام الشافعي في مدح أهل البيت

هذه قصيدة رائعة كتبها الامام الشافعي  في مدح أهل البيت عليهم الصلاة والسلام:

(1)

 

آل النبي ذريعتي ... وهُمو إليه وسيـــلتي 

 

أرجُو بهم أ ُعطى غدا ً .. بيدي اليمين صحيفتي 

 

 

 

( 2 ) 

 

قالوا تَرَفَضت قُلت كلا ... مالرفض ديني ولا أعتقادي 

 

لكن توليت غير شك ً ... خير َ إمام ٍ وخيــــر هادي 

 

إن كان حب الولي رفضا ً .. فإن رفضي الى العباد ِ 

 

 

( 3 ) 

 

ياراكبا ً قِف بالمحصب ِ من منى ... واهتف بقاعد ِ خيفها والناهض ِ 

 

سحرا ً إذا فاض الحجيج ُ الى منى ... فيضا ً كمُلتطم الفُرات الفائض ِ 

 

إن كان رفضا ً حُب آل محـــــمد ٍ ... فليشهد الثقلان أني رافضي 

 

 

 

( 4 ) 

 

 

يا آل بيت رسول الله حبكم ُ ... فرض ٌ من الله في القرآن أنزله ُ 

 

يكفيكم ُ من عظيم الفخر ِ أنكم ُ .. من لم يصلي عليكم لاصلاة له ُ 

 

 

( 5 ) 

 

إذا نحن ُ فضلنا عليا ً فإننا ... روافض ٌ بالتفضيل عِند ذوي الجهل ِ 

 

وفضل ُ أبي بكر ٍ إذا ماذكرته ُ ... رُميت ُ بنصب ٍ عند ذكري للفضل ِ 

 

فلازِلت ُ ذا رفض ٍ ونصب ِ كِلاهما ... بحبيهُما حتى أ ُوسد َ في الرمل ِ 

 

 

 

( 6 ) 

 

 

إذا في مجلس ٍ نذكُر عليا ً ... وسبطيه وفاطمة َ الزكية 

 

يُقال تجاوزوا ياقوم هذا ... فهذا من حديث الرافضيـــــة 

 

برئت الى المُهيمن من أ ُناس ٍ ... يرون الرفض حُب الفاطمية

 

 

المصدر : ديوان الإمام الشافعي

البنية الذهنية انطلاقا من البنية الوجودية

البنية الذهنية انطلاقا من البنية الوجودية

إعداد الطالب: سيد غيور الحسنين

 

المقدمة

     الحمد لله ربّ العالمين، الصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيّبين الطّاهرين. أمّا بعد، فإنّ "البنية الذهنية انطلاقا من البنية الوجودية" من أروع الموضوعات الفلسفيّة في زمان الحاضر، يمكن من خلاله يحلّل أكثر المشاكل الفلسفية، لاسيّما مشكلة الأصالة والاعتبارية تحل دون أي مشقّة، وهكذا مشكلة الكثرة والوحدة، ومسألة العلّية والمعلولية وكثير من مسائل الفلسفية الأخرى تحل. من هذا المنطلق، اختار الباحث البحث، وجعله موضع الدراسة والتحليل.

 يشتمل هذا البحث على ثلاثة فصول، الأوّل يتحدّث عن البنية الوجوديّة والبنية الذهنيّة، والثاني عن العلاقة بينهما، والثالث عن كيفية ترشح المباني. وذكر خلاصة البحث والنّتيجة في الأخير.

ويشكر الباحث الأستاذ المشرف الشيخ فضيل ريال الّذي أشرف عليه وقدّم نصائح مفيدة في مجال الدّراسة.

 

الفصل الأول: البنية الوجوديّة والبنية الذهنيّة

  إنّ البحث عن البنية الوجوديّة والبنية الذهنيّة بحث أساسي في الفلسفة. وأساسه يرجع إلى تشخيص الأصالة والاعتبارية. يأتي هذا البحث ليميّز هل الأصالة للوجود أو للماهية؟ بمعنى يميّز أيّهما متن بالذات وأيّهما يكون بالعرض؟

إذا كان الفلسفي ينطلق في بحثه من خلال البنية الذهنيّة والمعرفيّة ستكون نتيجته هي أصالة الماهية. وأمّا إذا انطلق بحثه من البنية الوجوديّة ستكون نتيجته هي أصالة الوجود ولا غير.

من هنا ينبغي لنا أن نعرف ما المقصود بالبنية الذهنية، وكيف تنشقّ من الواقعيّة؟

أوّلا وبالذات علينا أن نعلم أنّ مبدأ الوجود(الواقعية) بمعنى هو الوجود العام ويسمّى أيضا ب"الوجود الساري". من خلال هذا المبدأ تنشقّ المبدأ المعرفي، ثمّ تتجلّى هذا المبدأ المعرفي إلى ثلاث تجلّيات:

1- الواقعية في دائرة ذاتها.

 هذا القسم ينقسم إلى قسمين أيضا، وهي:

 1- الواقعية في دائرة ذاتها فقط. مثل: إذا قلنا: الإنسان إنسان، هو بمعنى أن الإنسان في دائرته فقط ولا غير. هذا يسمّى ب"مبدأ الهويّة".

 2- الواقعية في دائرتها المتّصفة. هنا الواقعية خارجة عن دائرة ذاتها فتكون مع الصفة. مثل: الإنسان عالم، بمعنى أنّ الإنسان مع هذه الصفة يسمّى ب"مبدأ الجوهرية". هذا القسم له ركنان، وهما:

     1- أنّ المحمول ليس له هوية استقلالية، بمعني إذا حذف الموضوع لا يستطيع أن يبقى بنفسه كما إذا حذفنا الإنسان في المثال لا يمكن أن يبقى عالم بنفسه.

     2- أنّ المحمول يحتاج إلى ملاك ليرتبط بموضوعه، وملاكه هنا هو الإنسان.

 

2- الواقعية في دائرة نقيضها.

 هذا القسم ينقسم إلى قسمين أيضا، وهي:

 1- الجمع في آن واحد. مثل: "إنسان ولا إنسان" هذا يسمّى ب"مبدأ التناقض".

 2- الرفع في آن واحد. مثل: "لا إنسان ولا لا إنسان" هذا يسمّى ب"مبدأ الثالث المرفوع".

3- دائرة الوصول إلى نتيجة نهائية التي تسمّى ب"مبدأ السبب الكافي". هنا النتيجة إمّا أن تكون مطابقة للواقع أو غير مطابقة، لأنّ كلّ ما بالعرض يرجع إلى ما بالذات، والذات لا يعلّل.

1- المعايير الذهنية(البنية الذهنية):

 يظهر لنا من التقسيم السابق خمسة معايير ذهنية وهي:

  1- مبدأ الهوية.

  2- مبدأ الجوهرية.

  3- مبدأ التناقض.

  4- مبدأ الثالث المرفوع.

  5- مبدأ السبب الكافي.

 إذا انسجم القضية مع البنية الذهنية أو المعايير الخمسة ستكون القضية مطابقة للواقع أو للبنية الوجودية. وإذا خالف القضية ولو معيارا واحدا يستحيل أن تكون القضية مطابقة للواقع. وهناك تدرّج منطقي بين هذه المعايير الخمسة، لذلك ينبغي لنا أن نعرف ما هي العلاقة بين بعضهم بعضا.

 

 

2- العلاقة بين مبدأ الهوية ومبدأ التناقض: 

 يقول الغربيّون: لا فرق بين مبدأ الهوية وبين مبدأ التناقض. يعني أن مبدأ التناقض نفسه هو مبدأ الهوية لكن في دائرة السلب. وبيان ذلك هو أنت إذا رشحت القضية "الإنسان عالم"، ففي نفس الوقت رشحت القضية "الإنسان ليس بعالم". فمبدأ التناقض يرفض الإثنينيّة، وسبب ذلك إنّ الإنسان إذا تعيّن بالعلم فالعلم من شؤوناته. وإذا تعيّن بعدم العلم(رفع شأن علم من الإنسان) بمعنى أنّ الهوية غير متعيّنة في دائرتها(إنسان ولا إنسان)، يعني رفع الإنسان من متن الواقع، وهذا يعني أن مبدأ التناقض هو نفس مبدأ الهوية في بعد سلبي، أي أنّ مبدأ التناقض هو نفس مبدأ الهوية إذا طرد ما لا يناسبه.

تعقيب على ذلك: إذا قلت: "لا إنسان عالم" يستحيل أنّ تقول: "الإنسان ليس بحيّ"، لأنّه لا يمكن أن يتحيّث الإنسان بعلم دون حياة. لذلك يشترط الفلاسفة في عالم المسلمين  بأنّ المواصفات  يجب أن تكون أعراضا ذاتيّة.

إذا شئنا أن نأسّس نسقا معرفيا ما، وتمضى مبدأ التناقض فيجب أن تكون محمولات متناسبة(يعني أعراض ذاتية للموضوعات) حتى تنسجم مع مبدأ التناقض.

إذن مبدأ التناقض يحمي مبدأ الهوية ويحفظها.

3- العلاقة بين مبدأ التناقض ومبدأ السبب الكافي:

 يحيل مبدأ السبب الكافي القضايا إلى مبدأ التناقض، وإذا انسجمت مع مبدأ التناقض تكون حاكية وصادقة، وإذا لم تنسجم تكون كاذبة.

 

الفصل الثاني: العلاقة بين البنية الوجودية والبنية الذهنية

1- انطلاق المباني المختلفة:

  الفلاسفة الذين بنو مبناهم على أساس البنية الفاهمية والذهنية كأمثال ابن سينا لا يعتبرون بالقضية "الوجود أصيل" هذا التركيب عندهم لا معنى لها، لأنّها لا تطرح في نسق الشيخ الرئيس أصلا، لأنّه انطلق من المعايير الذهنية وسلّطه على الواقع، و وصل إلى الهوية في دائرة بعيدا عن الوجود والعدم، ثمّ يسلّطها على الواقعية، ويقول: الواقعية هي الماهية فقط.

وأمّا الفلاسفة الذين بنو مبناهم على أساس البنية الوجودية كأمثال صدر المتألهين، بنى فلسفته على أساس أصالة الوجود، حينما أدرك صدر المتألهين الوجود، فجعل أصالة للوجود.

من هنا يمكن أن نفهم فرقا بين الشيخ الرئيس وصدر المتألهين من حيث انطلق ابن سينا من البنية الذهنية، وصدر المتألهين من البنية الوجودية، لذلك يحتاج إلى المعايير الوجودية لا المعايير الفاهمية.

إذن الماهية هي متن الواقع عند ابن سينا، وأمّا عند صدر المتألهين الماهية تكون في الحاشية، ولا يمكن أن تكون متنا بل إنّما هي اعتبارية، وبالتالي الأصالة تكون للوجود.

والنتيجة: الشيخ الرئيس يقول بأنّ الإنسان هو متن الواقع بمعنى الأصالة للماهية بقوله: "الإنسان موجود"، ولكن سوف يأتي بأنّ الإنسان هو متن الواقع بالعرض لا بالذات في قول ملا صدرا: "وجود الإنسان وجود".

2- البنية الوجودية والبنية الذهنية ومسألة الأصالة:

 لا شكّ في أنّ معنى الوجود في دائرة الفهم هو البنية الذهنية، والبنية الذهنية في دائرة الوجود هي البنية الوجودية. من هنا يمكن أن نقول بأنّهما حقيقة واحدة التي لها مرتبتين،وكلّ مرتبة لها آثار الذي يختصّ بها، ومن خلالهما تترشح المباني الفلسفية المختلفة.

 

الفصل الثالث: كيف تترشح المباني؟

    نبحث في هذا الفصل حول لماذا قال ابن سينا بأصالة الماهية ومن أين انطلق وما هو الدليل؟ ثمّ لماذا قال صدر المتألهين بأصالة الوجود؟

إذن هذا الفصل يشتمل على نقطتين، وهما:

1- مبنى ابن سينا

2- مبنى صدر المتألّهين

1- مبنى ابن سينا:

 السؤال الأساسي هنا هو لماذا قال ابن سينا بأصالة الماهية ومن أين انطلق؟

الجواب هو أنّه انطلق من خلال البنية الذهنية كمعرفة ليس كبنية، ولهذا وقع ابن سينا في خطأ بحيث جعل البنية الذهنية معرفة.

السؤال الفرعي هو كيف عرفنا أن ابن سينا انطلق من البنية الذهنية؟

الجواب هو أنّ البنية الوجودية إذا أرادت أن تصنع البنية الذهنية تصنعها لغاية ما، وهذه الغاية هي الفهم يعني البنية الوجودية هي التي تصنع البنية الذهنية للفهم. والمعرفة تترشح من خلال البنية الذهنية.

إذن النتيجة هي أن الوجود إذا أراد أن يترشح المعرفة من خلال البنية الذهنية يترشحها من بعده الماهوي والحيثي، لا من بعده الوجودي.

تعقيب على ذلك: عندنا حيثيات وعندنا تعيّنات ماهوية، وهذه التعيّنات بالحقيقة هي تعيّنات صنعية ليست واقعية، بمعنى يريد الفهم أن يفصل الشجرة أو الحجر أو الإنسان، فيصنع لها الماهية، وهذه الماهية ليس لها واقعية في الخارج، وبالحقيقة ليس عندنا الماهية في الخارج، بل عندنا وجودات رابطية، والماهية ليست إلا حيثية التي تتميز الأشياء فقط، وفي الواقع لا يوجد الماهية إلا لتمييز الوجود ونسمّيها "حيثية تقييدية نفادية".

  1- لماذا الماهية والحيثيات ليست لها واقعية؟

 الماهية والحيثيات ليست واقعيات، بل إنّما وجودات ربطية فقط. وسرّ ذلك أنّها يمكن أن تتمظهر في البنية الذهنية معرفيا، لأنّ المفاهيم الماهوية هي تتجلّى في البنية الذهنية لكونها تتمثل حيثيات وليس المتن، ثم إذا تعيّنت البنية الذهنية لا تتعامل مع المتن، بل إنّما تتعامل مع ظلال المتن، بمعنى تتعامل مع حيثيات المتن(إمّا حيثية تقييدية اندماجية أو حيثية تقييدية نفادية)، لأنّها في دائرة الفهم.

  2- ما هو محكي مفهوم الوجود؟

المدرسة المشائية ذهنية، وتتعامل مع الواقع بالذهن. فمفهوم الوجود عندهم في الذهن. وإذا خرجناه إلى الخارج يختفي الوجود في الماهيات، لأنّه عام وبديهي. لذلك مفهوم الوجود يحكي الماهية نفسها، بحيث إذا طبّق مفهوم الوجود على الإنسان يحكي "الحيوان الناطق" ولهذا يقول أصحاب أصالة الماهية: الإنسان واقعية موجود، بمعنى أنّ المتن هي الماهية.

وأمّا على أساس مبنى أصالة الوجود، مفهوم الوجود يحكي حيثية طاردية العدم، لأنّ الفلاسفة بالإجماع يقولون بأن الوجود المتني لا يأتي إلى الذهن أصلا.

خلاصة الكلام: هي أنّه انطلق من خلال البنية الذهنية كمعرفة ليس كبنية، ولهذا وقع ابن سينا في خطأ بحيث جعل البنية الذهنية معرفة. وأنّ الوجود إذا أراد أن يترشح المعرفة من خلال البنية الذهنية يترشحها من بعده الماهوي والحيثي، لا من بعده الوجودي، لأنّ الوجود مختفي في الماهيات.    

2- مبنى صدر المتألّهين:

  يرى صدر المتألهين كلّ ما قال به الشيخ الرئيس ابن سينا وفقا للبنية الذهنية صحيحا، ولكنه يعترض عليه من جهة البنية الوجودية بأنّه إذا جئنا إلى البنية الوجودية، من قال بأنّ الماهية هناك بالذات؟ قد تكون في المتن بالعرض. نحن لا ننفي بأنّ الماهية تجدها في البنية الوجودية، لأنّ وظيفة الذهن الحكاية فلا معنى للماهية في البنية الذهنية، وكذلك البنية الذهنية مندكّ في البنية الوجودية، وبالتالي تجد الماهية هناك بالقطع واليقين، لكن ماهية الإنسان ليست بأصيلة، بل إنّما وجود الإنسان هو الأصيل.

إذا قلنا: "الإنسان موجود" هنا ابن سينا يقول إنّ هذا التركيب قضية معرفية، ولكن عند صدر المتألهين هذا التركيب ليس بقضية، لأنّ ملاك حمل الوجود على الإنسان ليس بإنسان، بل إنّما هو الوجود المتني، ومبدأ السبب الكافي يقبل ذلك. لذلك التركيب الصحيح هو: "وجود الإنسان وجود".

  1- خصائص مفهوم الوجود:

  هي ثلاثة:

1- البداهة الفهمية: يعني الوجود المتني له معقولية ذاتية.

2- العموم.

3- التشكيك الوجودي.

  2- ضوابط صدر المتألهين في أصالة الوجود:

أهم منها:

1- حيثية الاشتراك والافتراق واحدة في النوذج الوجودي، والمفهومان(الموضوع والمحمول) في حمل الحقيقة على الرقيقة(الإنسان الله) تعيّن خارجي ولا ذهني.

2- أكثر عبارات صدر المتألهين مستعارة. مثلا: "الوجود أصيل" معناه متحقّق بالذات، والوجود لا يأتي إلى الذهن.

هذا هو طرح أصالة الوجود عند صدر المتألهين، وعلى أساس هذا التحليل، ذهب إلى قول بأصالة الوجود واعتبارية الماهية.

 

  3- تعقيب

 عندما تعيّن الإنسان في الذهن، يضعنا في الخارج في بعد تعقّلي. والبعد التعقّلي لا معنى للتحقّق وعدم التحقّق فيه. إذن لا نحتاج إلى الوجود المحمولي، لأنّ البعد التعقلي متّكي على المتن وهو الوجود. فالإنسان متحقّق من دون احتياج إلى الوجود المحمولي.

بعبارة أخرى: نحن إذا أخذنا هذه التركيبات:

1- الإنسان موجود.

2- الشجر موجود.

3- البقر موجود.

4- الحجر موجود.

هذه التركيبات تدلّ على تعيّن البنية الذهنية للإنسان، والشجر، والبقر، والحجر، بمعنى نحن فهمنا إنسانا، شجرا، بقرا، وحجرا. ثمّ هذا الفهم هو الذي يرسلنا إلى المتن(الوجود) بمعنى البنية الوجودية. هذه البنية الوجودية  لا تأتي إلى الذهن وهي أصيلة.

إذن نحن أيضا نعتقد بأصالة الوجود إلا أنّنا نختلف مع صدر المتألهين فيما أنّه بنى على أنّ الوجود المحمولي يحكي طاردية العدم. وفي الحقيقة، الحكاية لمفهوم الوجود لا معنى لها، بل إنّما مفهوم الوجود لا معنى له، لأنّ مفهوم الوجود ليس إلا مبدأ تعيّن البنية الذهنية، والبنية الذهنية هي ظلّ البنية الوجودية. فالبنية الذهنية والبنية الوجودية هما حقيقة واحدة في مرتبتين.

 

خلاصة البحث

 1- إنّ البحث عن البنية الوجوديّة والبنية الذهنيّة بحث أساسي في الفلسفة. وأساسه يرجع إلى تشخيص الأصالة والاعتبارية.

2- عندنا أربع أفق في الفلسفة، وهي:

  1- البنية الوجودية.

  2- التعيّن المثالي.

  3- التعيّن المعرفي.

  4- البنية الذهنية.

3- البنية الذهنية في مقابل البنية الوجودية عند ابن سينا، وصدر المتألهين، وأمّا عندنا هما حقيقة واحدة في مرتبتين.

4- التعيّن المثالي والتعيّن المعرفي واسطة وبرزخ بين البنية الوجودية والبنية الذهنية. التعيّن المعرفي بالنسبة إلى البنية الوجودية هو التعيّن المثالي، والتعيّن المثالي بالنسبة إلى البنية الذهنية هو التعيّن المعرفي، ويسمّى أيضا بالقيمة المعرفية.

5- التعيّن المثالي لا علاقة له بالتحقق، ولا بالتعقّل. وهذا المبدأ المثالي تعيّن إلهي ولا يخطأ.

6- البحث عن الأفق الأربعة غير موجود في الكتب الفلسفية بالتفصيل، لذلك نجد أخطا كثيرا في فهم عبارات العلماء في الفلاسفة.

7- البنية الذهنية تشتمل على خمسة معايير، وهي:

  1- مبدأ الهوية.

  2- مبدأ الجوهرية.

  3- مبدأ التناقض.

  4- مبدأ الثالث المرفوع.

  5- مبدأ السبب الكافي.

8- ابن سينا انطلق من خلال البنية الذهنية كمعرفة ليس كبنية، ولهذا وقع ابن سينا في خطأ بحيث جعل البنية الذهنية معرفة. وأنّ الوجود إذا أراد أن يترشح المعرفة من خلال البنية الذهنية يترشحها من بعده الماهوي والحيثي، لا من بعده الوجودي، لأنّ الوجود مختفي في الماهيات.

9- إذا قلنا: "الإنسان موجود" هنا ابن سينا يقول إنّ هذا التركيب قضية معرفية، ولكن عند صدر المتألهين هذا التركيب ليس بقضية، لأنّ ملاك حمل الوجود على الإنسان ليس بإنسان، بل إنّما هو الوجود المتني، ومبدأ السبب الكافي يقبل ذلك. لذلك التركيب الصحيح هو: "وجود الإنسان وجود".

10- عندما تعيّن الإنسان في الذهن، يضعنا في الخارج في بعد تعقّلي. والبعد التعقّلي لا معنى للتحقّق وعدم التحقّق فيه. إذن لا نحتاج إلى الوجود المحمولي، لأنّ البعد التعقّلي متّكي على المتن وهو الوجود. فالإنسان متحقق من دون احتياج إلى الوجود المحمولي.

 

المصادر والمراجع

1- دروس الأستاذ الشيخ فضيل ريال، سنة93-94.

 

فهرس الموضوعات

1- مقدمة........................................................................1

2- الفصل الأول: البنية الوجودية والبنية الذهنية.....................................2

-       المعايير الذهنية...............................................................3

-       العلاقة بين مبدأ الهوية ومبدأ التناقض..........................................4

-       العلاقة بين مبدأ التناقض ومبدأ سبب الكافي...................................4

3- الفصل الثاني: العلاقة بين البنية الوجودية والبنية الذهنية..........................5

-       انطلاق المباني المختلفة.......................................................5

-       البنية الوجودية والبنية الذهنية ومسألة الأصالة.................................5

4- الفصل الثالث: كيف تترشح المباني؟...........................................6

 1- مبنى ابن سينا...............................................................6

-       لماذا الماهية والحيثيات ليست لها واقعية؟.......................................7

-       ما هو محكي مفهوم الوجود؟................................................7

 2- مبنى صدر المتألهين...........................................................7

-       خصائص مفهوم الوجود.....................................................8

-       ضوابط صدر المتألهين في أصالة الوجود........................................8

-       تعقيب.....................................................................9

5- خلاصة البحث..............................................................10

6- المصادر والمراجع.............................................................12

 

نظرية المثل عند أفلاطون و ملا صدرا  

مقدمة

    الحمد لله رب العالمين، الصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيّبين الطّاهرين،أمّا بعد،  

   فإنّ المثل الأفلاطونية مسألة من المسائل المهمة في الفلسفة اليونانية  وهي أساس مهم في فلسفة أفلاطون. والذي جاء بعده، لم يفهم المثل كما حقّه ونقدها بما لم يورد عليها، ولكن عندما وصل الزمان إلى صدر المتألّهين، فقد أعطى حياة جديدة لهذه النظرية، وأحي رسومه، وأحكم بناء مذهبه ورأيه، وشيّد أركانه، وذبب عن ذلك، وفكّك عقدة الإشكالات التي أوردها عليه كل من أتى بعده إلى ذلك الوقت. من هذا المنطلق، اختار الباحث البحث و قسّمه إلى فصلين؛ الفصل الأول يشتمل على بحثين؛ الأول هو عن شخصية أفلاطون و أصوله الفلسفية، والثاني عن شخصية ملا صدرا و أصوله الفلسفية. والفصل الثاني ينقسم إلى مباحث أربع؛ الأول يبحث عن نظرية المثل عند أفلاطون، والثاني عن تأييد ملا صدرا لها، والثالث عن نقد ملا صدرا عليها، والرابع يتطرق إلى ما تجاوزه الفهم الأفلاطوني للمثل. و في الأخير ذكر النتيجة.

ويشكر الباحث الأستاذ المشرف الشيخ مصطفى عزيزي الذي أشرف عليه وقدّم نصائح مفيدة في مجال الدراسة.

 

ادامه نوشته

التوحيد في العبادة عند الإمامية

التوحيد في العبادة عند الإمامية

(شبهات وردود)

 

 

 

 

 

إعداد الطالب: سيد غيور الحسنين

 

ادامه نوشته

طبيعة النفس عند ابن تيمية

طبيعة النفس عند ابن تيمية

 

 

 

إعداد الطالب: سيد غيور الحسنين

البلد: باكستان

ادامه نوشته

دور المرأة في السياسة الباكستانية

دور المرأة في السياسة الباكستانية

   المرأة لها دور كبير في المجتمعات الإنسانية في العالم، وحاضرة في جميع مجالات الحياة مع الرجل سواء كان المجال سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا وغير ذلك. وهكذا حالها في المجتمع الباكستاني.

شاركت النساء مع الرجال في استقلال باكستان(14 أغسطس 1947م) من الهند. أهم منها أخت القائد الأعظم محمد على جناح، إسمها فاطمة جناح التي  بعد حصولها على شهادة طب الأسنان من جامعة كلكوتا، أصبحت مقربة ومستشارة لأخيها الأكبر محمد علي جناح الذي أصبح أول حاكم عام لباكستان في سنة 1947م. منتقدة بشدة للحكم البريطاني، برزت كداعية لنظرية الدولتين وعضو بارز في الرابطة مسلمي عموم الهند. بعد استقلال باكستان، شاركت في تأسيس جمعية المرأة الباكستانية التي لعبت دورا أساسيا في تسوية وضعية المهاجرين في البلاد. بعد وفاة شقيقها، لم تبقى نشطة سياسيا حتى عام 1965 عندما شاركت في الانتخابات الرئاسية ضد الدكتاتور العسكري أيوب خان، إلا أنها خسرت الانتخابات التمهيدية بسبب تزوير الجيش لها. يتميز النظام السياسي الباكستاني بكون مروره بجميع المراحل السياسية، من نظام رئاسي الي نظام برلماني و في النهاية الي نظام عسكري. رئيس الدولة هو الأعلي منصبا والأكثر سلطة، ورئيس الوزراء هو رئيس الحكومة. هو نظام تحكمه التعددية الحزبية. السلطة التنفييذية تحكمها الحكومة، السلطة التشريعية يحكمها البرلمان. و قد تعرضت البلاد لحل البرلمان أكثر من مرة حيث أن من حق رئيس الدولة حل البرلمان. يتم تعيين رئيس الحكومة عن طريق أصوات أعضاء الجمعية الوطنية.

 

ادامه نوشته